الخميس
-
16 أكتوبر، 2025
https://rafiqinfos.net

مصر تستنجد بمجلس الأمن: أزمة سد النهضة تهدد الأمن المائي المصري

القاهرة – رفيق إنفو

في خطوة تعكس تصاعد حدة الأزمة، وجهت مصر خطاباً رسمياً إلى مجلس الأمن الدولي، محذرة من التداعيات الخطيرة للسياسات الأحادية لإثيوبيا فيما يتعلق بتشغيل “سد النهضة”، والذي يشكل تهديداً وجودياً للأمن المائي المصري.

موقف مصري ثابت ودبلوماسية متزنة

يأتي هذا الإجراء تتويجاً لسنوات من المفاوضات المتعثرة واتباع الجانب الإثيوبي سياسة فرض الأمر الواقع. عبرت القاهرة، طوال هذه الفترة، عن موقف ثابت برفض كافة الإجراءات الأحادية وعدم الاعتراف بها، مبديةً أقصى درجات ضبط النفس والالتزام بالحلول الدبلوماسية عبر المنظمات الدولية.

ووفقاً للموقف المصري، فإن هذا النهج لم يكن نابعاً من ضعف، بل من قناعة راسخة بأهمية تعزيز التعاون وتحقيق المصلحة المشتركة بين دول حوض النيل.

دوافع اللجوء إلى مجلس الأمن

يشرح الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن الخطاب المصري لمجلس الأمن يستند إلى أربعة أهداف رئيسية:

  1. توثيق الموقف رسمياً: كوسيلة لتسجيل الرفض المصري القاطع للإجراءات الأحادية الإثيوبية، وإثبات أن مصر سعت بجد إلى الحلول السلمية.
  2. تقديم احتجاج قانوني: يؤكد الخطاب أن إثيوبيا خرقت القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن السابقة، مما يضع المجلس أمام مسؤوليته في حفظ السلم والأمن الدوليين.
  3. تذكير المجلس بمسؤوليته: تستدعي مصر عبر هذه الخطوة دور مجلس الأمن الأساسي في حل النزاعات التي تهدد الاستقرار الدولي، خاصةً عندما تتعلق بقضية حيوية مثل المياه.
  4. تعبئة الدعم الدولي: تسعى مصر من خلال الشكوى الرسمية إلى حشد تأييد الدول الأعضاء والمجتمع الدولي، والضغط على أديس أبابا للعودة إلى مفاوضات جادة.

تصريحات استفزازية ورفض للقانون الدولي

من جهته، يحذر الدكتور محمد محمود مهران، الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، من خطورة التصريحات الاستفزازية لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والتي دعا فيها مصر والسودان لحضور افتتاح السد.

ويرى مهران أن هذه التصريحات تمثل “تجاهلاً واضحاً للقانون الدولي وقواعد القانون الدولي للمياه”، وتخالف بشكل صارخ اتفاقية المبادئ الموقعة عام 2015 والاتفاقية الإطارية للاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية، والتي تلزم الدول بالتشاور والتفاوض للوصول إلى اتفاق ملزم قبل الشروع في أي مشروع مائي عابر للحدود.

الحق في الدفاع عن الأمن المائي

ويؤكد الخبراء على حق مصر الكامل في الدفاع الشرعي عن أمنها المائي، مستندين إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للدول حق الدفاع عن النفس في مواجهة التهديدات الوجودية. ويشددون على أن استنفاد Cairo للخيارات الدبلوماسية والقانونية يمنحها شرعية اللجوء إلى كافة الوسائل المتاحة لحماية مصالحها الحيوية.

دعم دولي وانتقالة دبلوماسية

ويشير المحللون إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي اعترف فيها بأن النيل “مصدر حياة” لمصر، تشكل انتصاراً دبلوماسياً مهماً ودعماً واضحاً للموقف القانوني المصري. ويراهنون على أن هذا الدعم قد يمارس ضغطاً حقيقياً على إثيوبيا لتغيير نهجها الأحادي.

التحدي الوجودي: الفقر المائي والبدائل

تكمن جذور الأزمة في معاناة مصر من “الفقر المائي”، حيث تبلغ احتياجاتها 114 مليار متر مكعب سنوياً، بينما لا تتجاوز مواردها 60 مليار متر مكعب، وفقاً لتصريحات رسمية. ويعتمد الاقتصاد المصري على نهر النيل بنسبة 98%، مما يضع البلاد تحت خط الفقر المائي العالمي.

ولمواجهة هذا التحدي، تبذل الحكومة المصرية جهوداً حثيثة في مشروعات بديلة مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام مياه الصرف وتعديل السياسات الزراعية. كما دشنت حملات لإنقاذ النيل وأزالت عشرات الآلاف من حالات التعدي على المجرى المائي.

الدبلوماسية والقانون هما الخيار الوحيد

في ظل تعنت الموقف الإثيوبي واستمرار سياسة فرض الأمر الواقع، يبدو أن الخيارات المتاحة لمصر تضيق نحو تعبئة كل الأدوات الدبلوماسية والقانونية. يؤكد الخبراء أن الحل العادل والمستدام يكمن في الالتزام بالقانون الدولي والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم ملء وتشغيل السد، حامياً حقوق جميع الأطراف وأجيال المستقبل، ومحافظاً على استقرار المنطقة بأكملها.

رفيق انفو
رفيق إنفو هو موقع إخباري مستقل مرخص من قبل السلطة العليا للإعلام السمعي البصري في تشاد (HAMA)، باعتباره صحيفة إلكترونية مسجلة تحت الرقم 0324
error: نسخ المحتوى ممنوع