بقلم محمد نور عبيدو – الرئيس السابق للجنة الوطنية لحقوق الإنسان
تُضاف حادثة توقيف الناشط أبكر آدم أبكر مؤخرًا إلى القائمة الطويلة للمواطنين التشاديين الذين اعتُقلوا واحتُجزوا تعسفيًا دون أي سند قانوني. هؤلاء الضحايا، المحرومون من حريتهم، والمقطوعون عن ذويهم، يُزجّ بهم في أماكن احتجاز سرية لا تستوفي أي معايير قانونية.
الغالبية الساحقة منهم ليسوا مجرمين، بل معتقلي رأي، تم توقيفهم لمجرد التعبير عن آرائهم أو التنديد بمظالم أو فساد، رغم أن حرية الرأي مكفولة دستورياً.
من أعلى الهرم إلى أسفله، يُعامل هؤلاء المواطنون كما تُعامل الأنظمة الديكتاتورية مع معارضيها: من الاعتقال إلى الحجز، مرورًا بإهانات جسدية ومعنوية، في انتهاك صارخ للدستور الذي أقسم رئيس الجمهورية على احترامه بعد “الانتخابات”.
وما يزيد الوضع قتامةً، إلى جانب الاعتقالات، هو تفشي الاختلاس، واستفحال المحسوبية، وغياب العدالة. السلطة، التي يبدو أنها اختارت طريق الترهيب والتخويف لإسكات أي صوت مخالف، لم تتعلم شيئًا من دروس التاريخ.
فالاعتقالات التعسفية لا تُرهب أحدًا، بل تؤجج الغضب، وتُمهّد لظهور بؤر تمرد مسلح أو حتى اندلاع حرب أهلية، وهو ما يُنذر بمزيد من الانتهاكات، لن يسلم منها أحد.
في خضم هذا المشهد، يشعر كثير من التشاديين بالغربة عن وطنهم، وكأن تشاد لم تعد تسعهم جميعًا، بسبب عقلية الاستئثار بالحكم والثروة. لكن ينبغي أن نُذكّر بأن أي حكم جائر مصيره الزوال، مهما طال أمده.
لقد آن الأوان لأن تُراجع السلطات خياراتها، وتدرك أن القائد الحقيقي تُقاس قيمته بمدى تحقيقه لرفاهية شعبه. ولنأخذ مثلاً قائد بوركينا فاسو إبراهيم تراوري، الذي اختار الانحياز للشعب.
أما فكرة أن فئة أو قبيلة بعينها تستأثر بالحكم والثروات لأنها دفعت الثمن الأكبر في سبيل “التحرير”، فهي فكرة لا تصمد أمام الوقائع. فتاريخ تشاد حافل بتضحيات من جميع المكونات الوطنية، بما فيها تلك التي ساهمت في وصول الحركة الوطنية للإنقاذ إلى الحكم.
في الختام، نُناشد قادة تشاد أن يُدركوا أن الوطن ملك لجميع أبنائه، وأن اعتمادهم نهج العدالة والمساواة وخدمة المواطن سيكون كفيلاً بمنحهم شرعية أقوى وأعمق من تلك التي يفرضها العنف أو القوة.
ونسأل الله العلي القدير أن يُلهمهم الحكمة واحترام مواطنيهم.
ومع كل ما تقدم، ومع هذا الانحدار الواضح في احترام الحقوق الأساسية، لا بد من طرح السؤال المشروع:
هل ما زالت تشاد فعلاً دولة قانون؟