الأحد
-
15 يونيو، 2025
https://rafiqinfos.net

بعد مرور عام على اتفاقية الدوحة في تشاد.. أي تقدم في مسار السلام؟

تعد اتفاقية الدوحة للسلام في تشاد، التي تم التوصل إليها في أغسطس 2022، خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في هذا البلد الواقع في قلب إفريقيا. تهدف هذه الاتفاقية إلى وضع حد للصراع المستمر في تشاد منذ سنوات عديدة، وتعزيز الحوار والتعاون بين الأطراف المتنازعة على السلطة . ومن بين الشخصيات الموقعة على هذا الاتفاق هوعبد المنان محمد خطاب، رئيس  جبهة انقاذ الجمهورية  المعروفة باسم FSR   ورئيس كتلة الشعب الموحد في البرلمان الانتقالي  التشادي 

في هذا الحوار الشيق، سيجيب المستشار عبد المنان محمد خطاب على أسئلة رفيق انفو حول التقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام. سنستكشف تفاصيل الاتفاقية وأهم نقاطها، وسنتعرف على الدور الذي لعبته الأطراف  في تحقيق هذا التقدم الملموس. سنناقش ايضا التحديات التي تواجه عملية السلام في تشاد وكيفية التعامل معها بشكل فعال. كما سنناقش آفاق المستقبل ودور الأطراف في متابعة تنفيذ الاتفاقية وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.

رفيق انفو: بعد عام واحد من الاتفاق ، هل تم تحقيق أي تقدم في تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام؟

عبد المنان خطاب: بادئ ذي بدء أولاً، أود أن أعرب عن شكري وامتناني لصحيفة رفيق إنفو الالكترونية   على إتاحة الفرصة لمناقشة هذا الموضوع الهام، وهو اتفاقية الدوحة للسلام التي تعد خارطة طريق للمجتمع التشادي. تم توقيع هذه الاتفاقية في 8 أغسطس 2022 في الدوحة، وقد مر عامٌ منذ ذلك الحين.بالفعل، هناك تقدم ملموس في تنفيذ الاتفاقية يمكن تلخيصه في النقاط التالية:حضور الحركات العسكرية الموقعة في الدوحة، يعد دافعًا أساسيًا لتنظيم الحوار الوطني الشامل والسيادي، الذي شمل جميع القوى الحية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية الدوحة للسلام، بالإضافة إلى الحكومة التشادية.التزام الحكومة والحركات العسكرية الموقعة بوقف إطلاق النار.تم التقدم في مسألة تحرير الأسرى.تم توفير الأمان لقادة الحركات المسلحة.تم تعيين 45 زعيمًا سياسيًا في المجلس الوطني الانتقالي وتعيين 4 وزاء في الدولة، و كما تم تعيين حوالي 5 من الموقعين في مختلف الهيئات الحكومية، ويُعتبر ذلك تقدمًا في تنفيذ الاتفاقية

رفيق انفو: ماهي التحديات الرئيسية التي تواجه تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام؟

عبد المنان خطاب: الاتفاقية تشكل مثلثًا يتألف من الحركات العسكرية والحكومة التشادية ودولة قطر. للأسف، لم يتم تحقيق تقدم ملموس في هذا الجانب، خاصة فيما يتعلق بتشكيل اللجنة الثلاثية المكونة من 3 أعضاء من الحكومة و3 أعضاء من الحركات العسكرية الموقعة في الاتفاقية و3 أعضاء من المجتمع الدولي، برئاسة دولة قطر. وهذا يشكل تحديًا، ونحن نطرح سؤالًا حول سبب عدم تشكيلها والعوائق التي تواجه تشكيل هذه اللجنة الثلاثية التي تُعتبر أساس الاتفاقية.ومن بين التحديات، تم تشكيل للجنة وطنية فنية قبل اللجنة الثلاثية، وانبثقت منها  لجان فنية مكلفة بتنفيذ برنامج نزع السلاح. وتتكون هذه اللجان من 10 أعضاء من الحكومة و10 أعضاء من الحركات العسكرية الموقعة في الاتفاقية، وتترأسها رئيس الوزراء . وتعد هذه اللجان عائقًا من بين عقبات بنود الاتفاقية، وأيضًا تنحرف عن مسار اتفاقية الدوحة للسلام من الناحية القانونية.نحن نستغرب لماذا لم يتم تشكيل اللجنة الثلاثية؟ فهي جهة مخولة قانونيًا وتترأسها دولة قطر، وعدم تشكيلها يتناقض مع النص القانوني. وبالنسبة لرأيي الشخصي، هناك غموض في هذا الأمر

رفيق انفو: ما هو دور المجتمع الدولي في دعم تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام؟ هل قطر لا زالت ملتزمة بدعم الاتفاق؟ وهناك جهود مبذولة للتغلب على العقبات الموجودة؟

عبد المنان خطاب: هناك بند في اتفاقية الدوحة ينص على أن المجتمع الدولي يعتبر حكما في تنفيذ الاتفاقية. ومع ذلك، لم يتم حتى الآن طلب تدخل المجتمع الدولي أو الشركاء الفنيين والماليين وأصدقاء تشاد. إذا تطلبت الحاجة، يمكننا اللجوء إليهم لدعم تنفيذ الاتفاقية.

فيما يتعلق بقطر، الدولة الراعية للاتفاقية، لم نتلقَ أو نسمع عن أي بيان رسمي يفيد بانسحابها من الاتفاقية. إذا كانت قطر، بصفتها دولة ذات سيادة، ترغب في الانسحاب من الاتفاقية بعد أن استضافتنا لمدة 5 أشهر في الدوحة، ينبغي عليها أن تصدر بيانًا رسميًا يفيد بانسحابها . نعتبر هذه الشائعات كونها غير مؤكدة حتى الآن، ونفترض أن الاتفاقية لا تزال قائمة وملتزمة بها. ليس لدينا أي معلومات بشأن العلاقات بين تشاد وقطر.نحن ندعو السلطات القطرية لاستدعاء وفد من أعضاء الحركات المسلحة وأعضاء الحكومة للقاء السلطات القطرية في الدوحة ومناقشة الاتفاقية والتطورات الحالية. إذا كان هناك أي اعتراض من أي طرف، فسيتعين علينا اللجوء إلى بند 28.4 المذكور في مسودة الاتفاقية.بالنسبة للجهود المبذولة للتغلب على العقبات الموجودة، فإن جمهورية تشاد تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع عدة دول مختلفة، وهذا ينطوي على الحكومة الانتقالية.

رفيق انفو: هل هناك صعوبات سياسية او امنية تعيق تنفيذ الاتفاقية؟

عبد المنان خطاب: نعتقد أن الحكومة التشادية ترغب في تشكيل لجنة لتنفيذ بنود الاتفاقية، ولكن هذا الإجراء يثير بعض الأسئلة المتعلقة بمشاركة الأطراف المختلفة، بما في ذلك الحركات المسلحة، في هذه اللجنة وما هو دورها الفعلي. من الواضح أن هناك تحديات سياسية تواجه تنفيذ الاتفاقية.

بالإضافة إلى ذلك،  هناك تحديات أمنية تتمثل في وجود  20 ألف مقاتل من المقاتلين التابعين للحركات الموقعة على اتفاقية الدوحة في دول الجوار. هؤلاء المقاتلين يمكنهم الانضمام إلى أطراف أخرى في الصراع الإقليمي، وهذا يشكل تهديدًا على استقرار تشاد.

ونحن لا نملك إمكانية تسهم في عملية الاندماج وإعادة المقاتلين  وهذا بطبيعة الحال يمكن أن يؤدي إلى تداعيات سلبية على جمهورية تشاد كما نعلم ان محيطنا الإقليمي عبارة عن حزام ناري والانتقالية في تشاد هشة وكل هذا بسبب تأخير بند نزع السلاح والتسريح واعادة الدمج.

رفيق انفو: هل هناك تعاون وتنسيق بين الحكومة والفصائل المسلحة لتنفيذ الاتفاقية؟

عبد المنان خطاب: في البداية، كان هناك تنسيق بين الحكومة والفصائل المسلحة من خلال المدير السابق لمكتب الرئيس. واستمر التواصل معه حتى نهاية الحوار الوطني الشامل. بعد ذلك، تم تكليف وزير المصالحة الوطنية بتوصيات الحوار الوطني وعقدنا اجتماعًا معه في نوفمبر 2022. حيث قرر تخصيص مبلغ مالي قدره عشرة ملايين فرنك سيفا للسياسيين الموجودين في الفنادق لإخلاء الفنادق. وفعلًا، غادروا الفنادق، ولكن هذه المبالغ غير كافية لتلبية احتياجاتهم الاجتماعية، وأحدثت مشاكل للقادة العسكريين. ومن المؤسف أيضًا أن بعض السياسيين العسكريين الآن ليس لديهم القدرة على دفع إيجارات منازلهم ، و يتعرضون لضغوط من أصحاب العقارات لإخلاء المنازل. بالإضافة إلى ذلك، ليس لدى هؤلاء القادة وسائل نقل، هذا يشكل مأساة في حياتهم الاجتماعية التي تنتظرهم منذ فترة طويلة. وهم أيضًا يواجهون ضغوطًا من المقاتلين في الميدان الذين يعتبرون أنه تم التلاعب بهم واختلاس أموالهم.  من هذا المنبر، نناشد رئيس الجمهورية بصفته الضامن للاتفاقية أن يشكل لجنة ثنائية الهدف منها حل مشاكل السياسيين العسكريين بما يتضمن التوظيف والمشاركة في مراسم الدولة، لأننا للأسف لم نشارك في أي مراسم حكومية حتى الان

رفيق انفو: هل تم توفير الموارد اللازمة لتنفيذ الاتفاقية؟ إذا لم يتم ذلك ماهي العوامل التي تعوق توفير هذه الموارد؟

عبد المنان خطاب: لم يتم توفير الموارد، حيث أن الدعم المادي يأتي من دولة قطر، وهي من تقوم بتوعية المجتمع الدولي من اجل تمويل الموارد اللازمة، كسياسيين عسكريين، لم يتم اشراكنا في برنامج التمويل. كان من المفترض أن يرافق وزير الخارجية شخصين أو ثلاثة من القادة العسكريين الموقعين على الاتفاقية أثناء زيارته، لكن ذلك لم يحدث. عند عودته، أعلن أن دولة قطر غير جاهزة واعتذرت عن مواصلة بند نزع السلاح وإعادة الادماج. هذا الخبر أُبلغنا به  رئيس الوزراء الانتقالي، وهو كلام غريب وغير منطقي. ووفقًا لتحليلنا، يبدو أن الحكومة الانتقالية ليس لديها إرادة سياسية لتنفيذ مقررات الاتفاقية. أما نحن كسياسيين عسكريين، فقد وقعنا على الاتفاقية في بلد حقق نجاحًا في عدة اتفاقيات دولية، وبالتالي نلتزم بذلك. ومع ذلك، هذا لا يمنعنا من الالتزام بمبادئنا كثوار.

وإذا كان الخبر الذي أخبرنا به رئيس الوزراء الانتقالي صحيحًا، فنحن نطلب من دولة قطر أن تعود بمشاعر جديدة وتواصل في تنفيذ الاتفاقية بصفتها وسيطًا وضامنًا للاتفاقية. ونود أن نعبر عن شكرنا لدولة قطر الكريمة، قيادة وشعبًا، لحسن الضيافة والكرم، ولتحقيق هذه الاتفاقية التاريخية التي تُعتبر أول اتفاقية من هذا النوع في تشاد

رفيق انفو: هل هناك تحسين في الوضع الإنساني بعد اتفاقية الدوحة؟

عبد المنان خطاب نحن كحركات سياسية عسكرية منذ مجيئنا نساهم في حل كثير من المشكلات السياسية والاجتماعية. وحقيقةً، لا يزال هناك بعض التحديات التي تؤثر على الوضع الإنساني في تشاد. على سبيل المثال، لا يزال الشعب التشادي يعاني من مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وقد طالبنا بحل هذه المشكلة في الحوار الوطني والمجلس الوطني الانتقالي. هناك بعض التحسن في هذا الجانب، ولكن لا يزال هناك الكثير لم يحقق بعد. هناك أيضًا نقص في البنية التحتية وغلاء المعيشة ونقص المياه، بالإضافة إلى المشاكل القبلية في بعض المناطق، خاصة في إقليم البطحاء وقيرا وجنوب البلاد. كما نساهم كسياسيين عسكريين في حل هذه النزاعات عن طريق الحوار. ويعتبر الفساد الإداري عائقًا أيضًا أمام تقدم البلاد، ونحن نعمل على إقرار قانون جديد لمحاربة الرشوة وتشكيل سلطة مستقلة لمحاربة الرشوة نتمنى تصويت البرلمان لهذا  المشروع وتكوين لجنة وطنية مستقلة تمتاز بكفاءة وحرية تامة  لكي تحقق الهدف المنشود وأيضا مسألة تدفق اللاجئين من مختلف دول الجوار ونحن متفائلين ان جمهورية تشاد ستصبح مثل الدول المتقدمة وهذا لا يتحقق الا بالسلام والازدهار في البلد  .

رفيق انفو: ماهي الخطوات المستقبلية المقترحة لتعزيز اتفاقية الدوحة والتغلب على التحديات الموجودة؟

عبد المنان خطاب: نحن نطلب من الحكومة أن تكون صادقة وتظهر قدرتها على تنفيذ بنود الاتفاقية. ونقترح على المجموعة غير الموقعة على اتفاقية الدوحة أن تستجيب لنداء الوطن وتعود إلى تشاد، على الرغم من التحديات التي عانينا منها كحركات عسكرية. كما نطلب من أعضاء المعارضة العودة إلى البلاد والمشاركة في بناء جمهورية تشاد. وندعو المجتمع الدولي للمساهمة في حل النزاعات والحروب التي تجتاح الدول المجاورة، مما سيؤثر بشكل سلبي على تشاد. كما نحتاج دعمًا ومساندة لتحقيق أهداف الاتفاقية

رفيق انفو: هل هناك امل في تحقيق السلام الشامل والمستدام في تشاد على أساس الاتفاقية؟

عبد المنان خطاب: نعم، إذا أردنا تحقيق السلام الشامل والمستدام في تشاد، يجب أن يكون هناك إرادة سياسية قوية من قبل جميع الأطراف المعنية والالتزام بتنفيذ بنود اتفاقية الدوحة. يجب أن تعمل الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة على تجاوز الخلافات والتشاور بشكل مستمر للتوصل إلى حلول سلمية للقضايا العالقة. ونحن مقبلون على الاستفتاء الدستوري والانتخابات الرئاسية والتشريعية، حيث لم يتبقَ سوى اثنتَا عشرة شهرًا فقط للفترة الانتقالية. وهذا يتطلب توافر جهود جماعية لتحقيق ذلك. وأخيرًا، أود أن أجدد شكري وامتناني لكل من ساهم في تحقيق الاتفاقية وتنمية بلدنا تشاد

 

 

 

رفيق انفو
رفيق إنفو هو موقع إخباري مستقل مرخص من قبل السلطة العليا للإعلام السمعي البصري في تشاد (HAMA)، باعتباره صحيفة إلكترونية مسجلة تحت الرقم 0324
error: نسخ المحتوى ممنوع