الخرطوم – رفيق إنفو
تشهد السودان ذروة الأزمة السياسية مع استمرار النزاع المسلح، حيث وصلت الانشقاقات داخل الأحزاب والتحالفات إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة الخلافات حول الموقف من طرفي الصراع. في خضم هذا الوضع المتأزم، يبذل الاتحاد الأفريقي جهوداً لإنهاء هذه الخلافات عبر عقد مشاورات مع القوى السياسية في أكتوبر الجاري ، بهدف تعزيز الوحدة السودانية وإعداد أرضية لحوار شامل والانتقال إلى نظام دستوري بقيادة مدنية.
خارطة طريق الرباعية
تأتي هذه المشاورات بعد أن طرحت الآلية الرباعية – المكونة من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر – خارطة طريق لإنهاء الصراع، تشمل هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، يليها وقف دائم لإطلاق النار، ثم إطلاق عملية سياسية لاستعادة الحكم المدني. ومن المتوقع أن تنضم الآلية الرباعية إلى جهود الاتحاد الأفريقي وشركائه في المشاورات المرتقبة.
تحفظات القوى السياسية
رغم هذه المساعي الدولية، تواجه المشاورات تحفظات كبيرة من القوى السياسية المحلية. حيث طلب تحالف “صمود” تأجيل المشاورات، معرباً عن اعتراضه على دعوة قادة أهليين مرتبطين بالنظام السابق، ورفضه مشاركة تحالف “تأسيس” في الحوار.
وفي هذا الصدد، أوضح بكري الجاك المتحدث الرسمي باسم “صمود” في حديث لـ”رفيق إنفو” أن التحالف أرسل خطاباً للاتحاد الأفريقي يوضح ملاحظاته حول طريقة عمل المنظمة القارية. وأضاف الجاك أنهم طالبوا بإجراء مشاورات أوسع مع الكتل الرئيسية، مؤكداً أن المدخل الحالي لا يحقق الحد الأدنى لضمان النجاح في إسكات البنادق.
رؤية “صمود” للسلام
كما أشار الجاك إلى أن التحالف طرح رؤيته القائمة على ثلاثة مسارات متوازية: مسار عسكري أمني لوقف إطلاق النار، ومسار إنساني لإغاثة المتضررين وفتح الممرات الآمنة، ومسار سياسي لعملية شاملة بقيادة سودانية.
من جانبه، أعرب التيجاني سيسي رئيس قوى الحراك الوطني عن تحفظاته حول منهجية الاتحاد الأفريقي، مشيراً في حديث لـ”رفيق إنفو” إلى أن العملية برمتها ينبغي أن تكون ملكية للسودانيين، وأن تحديد أجندة الحوار واختيار المشاركين يجب أن يكونا بيد القوى السياسية والمجتمعية السودانية.
جهود الوساطة الإقليمية
في الإطار الإقليمي، أكد لورنس كورباندي مبعوث الإيغاد الخاص للسودان أن رؤية المنظمة تستند إلى أن المشكلة سياسية بالأساس، وبالتالي ينبغي حلها على هذا المستوى. وأوضح كورباندي في تصريح لـ”رفيق إنفو” أن الإيغاد تقوم بدور الوساطة والتسهيل، بينما تبقى أجندة الحوار ومشاركيه ملكية للسودانيين.
تحديات وتعقيدات
يرى مراقبون أن المشاورات المقبلة تواجه تحديات جسيمة، حيث يحذر المحلل السياسي خالد الفكي من أن رهان الاتحاد الأفريقي محفوف بالمخاطر في ظل استمرار الحرب وتباطؤ الزمن السياسي. ويشير الفكي في حديث لـ”رفيق إنفو” إلى أن غياب “صمود” عن المشاورات يقلل من شرعية أي نتائج محتملة.
بدوره، يوضح محمد تورشين المتخصص في شؤون القرن الأفريقي أن الاتحاد الأفريقي يواجه عقبات متعددة، أبرزها الوضع الدستوري لعضوية السودان المجمدة، واستمرار الحرب في دارفور وكردفان، إضافة إلى تحفظات القوى السياسية المحلية على منهجية العمل.
مستقبل غير واضح
تبقى جهود السلام في السودان معلقة بين مطرقة الانقسامات المحلية وسندان التعقيدات الإقليمية، في وقت يشدد فيه جميع الأطراف على أن إيقاف الحرب يمثل الأولوية القصوى التي لا يمكن تحقيق أي تقدم سياسي بدونها.