أبوهريرة عبدالكريم ـ كاتب
تثير شخصية رئيس الوزراء، زعيم حزب الترانسفورماتير ( المحولون) سيكسيه مسرا، والتي تتميز بالكفاءة والتأثير القوي، اهتمام الكثيرين وتستحق المتابعة والدراسة بعناية.
ما نعرفه عن مسرا ، هو ليس من الأشخاص العاديين ذوي الطموحات الدنيئة، والذين يطمعون في المال العام، فإن الرجل يتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع التشادي ونظرة سياسية ثاقبة على عكس ساساتنا ، يستطيع من خلالها الحصول على مكاسب عظيمة جدا بالذات في ظل توتّر العلاقات مع بعض الدول والتدخل العسكري الروسي المزعوم
يتميز سيكسيه مسرا بثلاثة من مقومات السلطة الأربعة بشكل استثنائي ، وهي (المال والجمهور والقوى الداعمة)، يتيح له ذلك القدرة على خلق تحول في الإطار السياسي لدولة تشاد، حيث لم يشهد التاريخ السياسي تداولا سلميا للسلطة . وبما أنه يفتقد الى مقومة ” العسكر” فإن احتمالية فوزه بالانتخابات الرئاسية كانت قوية جدا ـ الأمر الذي أثار حفيطة الجنرالات والتسرع في منح أنفسهم فترة رئاسية جديدة دون أدنى حق .
فقرة عشوائية:
دمبولا هناكم = ناني نانا
كان ديبي الأب في آخر دعاية انتخابية له في عام 2021 بدأ يسبّ هذا وذاك بل في ذلك الحين خرج جميع المترشحين عن السيطرة، وكان خطاب ديبي الأب في تلك الفترة أكثر وطنية من قبل رغم هذيانه وخروج ما انتقاه من العبارات عن سيطرته فهذا الأمر يشبه ما يحدث الآن مع ديبي الإبن.
هذه المقارنات التي ربما المقصد منها هو التذكير بنهج ديبي الأب الذي يسير عليه الابن الآن . وربما لشيء آخر !
لكن الأمر المؤكد في الشأن السياسي الإفريقي مع التدخل الأجنبي، هو التغييرات المفاجئة للحكومات، مع صعود زعماء الفكر البان أفريكانيزم، د. مسرا هو المستحقُّ للفوز بالحكم في تشاد مقارنة مع ديبي الإبن وغيره من المرشحين إذا تجرّدنا من التداعيات الإيدلوجية.
وأود أن أشير الى تأثير مسرا في شمال البلاد، بحكم أن الرجل ذات إيدلوجية جنوبية ولد وترعرع في بيئة مسيحية، فعقليته لا تتماشى مع الإنسان الشمالي المسلم الذي كتب عنهم قبل سنين كتاباً وذكر فيه من المساوئ ما لا يطرأ على البال، لكن تلك القاعدة تلاشت مع انتفاضة الأستاذ موسى محمد حكي في مدينة بحر الغزال وشدرة والأستاذ طلاف في سلال. حاملاً لواء حزب المحوّلون بولاية بحر الغزال La transformateur du Bahr El gazelle
بجهود بسيطة جدا ومقدرة في الوقت ذاته استطاع حكِّي وطلاف أن يحركا الوجهة السياسية لمدينة بحر الغزال التي عرفت بولائها الكامل للحركة الوطنية للإنقاذ MPS.
فوجود أصوات تزعج هذه الحركة التي حكمت البلاد لمدة لا تقل عن ثلث القرن في مدينة موسورو حاضرة ولاية بحر الغزال إقليم كانم يأتي أمر له تداعيات أخرى، وحسابات غير عادية في ميزان القادة السياسية لولاية بحر الغزال.
فهذه الانتفاضة وإن كان خفيفا على ميزان الأصوات الإنتخابية إلا أنها ثقيلة على ميزان الوعي المجتمعي وخصوصاً في منطقة بحر الغزال التي غابت عنها الأصوات السياسية منذ آخر انتخابات لمحمد صالح عبدالله مرشح حزب MPDT الذي نافس الحركة الوطنية للإنقاذ MPS في انتخابات 2010م وقبله من السباقات الرئاسية. وبعد ذلك آن أوان صالح كبزابو مرشح RDP.
لماذا مسرا يستحق حكم تشاد ؟
أن هذا الرجل الذي ناضل في وجه حكومة ديبي الأب وصارع ديبي الإبن وتصالح معه في كيشنشاسا وتولى بعده رئاسة حكومة الدولة، خلال خمس سنوات من ظهور هذا الشاب وصل إلى هذه المرحلة، وبعد خمسة شهور من ذلك الوصول انضم إلى قائمة المرشحين لرئاسة الدولة، بغض النظر عن الفوز يجب علينا أن نعترف على نجاح هذا النجاح (سكسيه) في مسيرته السياسية (النضالية).
فهو يبهرنا دائما بأفعاله، بخلاف ديبي الذي لا يتوافر على ربع حنكة وكفاءة ماسرا ، ناهيك عن القاعدة الشعبية العريضة التي يتمتع بها الرجل في ربوع البلاد . بل قوة خطابه وحدها كفيله بهزيمة ديبي
وكانت الدعايات الانتخابية الأخيرة خير مثال ـ فشل ديبي في صياغة جملة وواحدة مفيدة ـ ومع ذلك كان يحاول شد انتباه الشعب بتلميحاته على الإستقلالية من فرنسا
أخيرا ، يمكن القول ، أن صعود البان أفريكانيزم والشباب المدنيين في إفريقيا ، واستياء الشعب التشادي من حكم أسرة ديبي وسلطة العسكر هذه العوامل تعزز فرص سكسيه مسرا للصعود وكان من الممكن أن يعيد أن يعيد سيناريو انتخابات السنغال التي قرر فيها الشعب وضع الثقة في باسيرو ديوماي فاي ومعلمه عثمان سونكو .