الأحد
-
15 يونيو، 2025
https://rafiqinfos.net

محمد إدريس ديبي يحاول الخروج عن ظل والده

تقرير : صحيفة الجارديان البريطانية

سعيد أبكر أحمد ، كاتب صحفي 

أصدرَ محمد إدريس ديبي في نهاية شهر مارس الماضي مذكراته ( من البادية إلى الرئاسة ) وهي بمثابة سيرة ذاتية مختصرة تصف حياته ونشأته بين البادية و أبشة وباريس والعقبات التي مر بها.

طُبعَ الكتاب من دار نشر فرنسية تعرف ب VA وقد نشرت ذات الدار  فيما سبق مذكرات الرئيس الكونغولي فليكس تشيسكيدي أثناء الدعاية الانتخابية الكونغولية في ديسمبر ٢٠٢٣.

يتحدثُ محمد ديبي في مذكراته عن الصعوبات التي واجهها في حياته وكيف أنه صقل موهبته، وانطلق من الصفر ليثبت ذاته، وليقول التشاديين : بأنه لم يصل إلى الرئاسة باسم والده وإنما بالقدرات التي يتمتع بها والمعاناة التي واجهها في مسيرته.

تعد جمهورية تشاد التي يسكنها ١٧.٧ مليون نسمة من الدول التي لم تحظَ باستقلال دائم منذ الاستقلال، ولم يحدث فيها تداول سلمي للسلطة منذ رحيل فرنسا عام ١٩٦٠.

تقول بعض المؤسسات الدولية وجمعيات المجتمع المدني بأنها قلقة بشأن الانتخابات الرئاسية التشادية خشية حدوث تزوير يعرقل الاستحقاق الانتخابي في مايو المقبل.

وبحسب كاميرون هادسون الموظف السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمهتمُ بالشأن الأفريقي فإنَّ التساؤلَ الذي ينبغي طرحه لا يتعلق بفوز محمد إدريس ديبي بالانتخابات أو خسارته وإنما هل هناك انتخابات حقيقية في تشاد ؟

ويضيف لم يحدث عبر التاريخ التشادي تنظيم  انتخابات نزيهة حتى نعلق آمالا على السادس من مايو ٢٠٢٤ .

ولا يمكن أن نقول أنها انتخابات حرة ونزيهة.

استطاع ديبي الأب إزاحة خصومه والفوز بالانتخابات عام ٢٠٢١ بعد بقائه في السلطة لمدة ٣٠ سنة، ثم قتل في جبهات القتال في الحادي والعشرين من إبريل ٢٠٢١ .

شكَّل القادة العسكريون مجلسا انتقاليا عيّنوا فيه محمد ديبي لقيادة البلاد في فترة انتقالية تستمر لمدة ١٨ شهراً قبل الانتخابات .

الطريق إلى السلطة

يعرف محمد ديبي حالياً ب MIDI بعدما كان يُعرف سابقا بمحمد كاكا ( كاكا بالدارجة العربية التشادية تعني الجدة ) لأنه نشأ مع جدته، يبلغ محمد ديبي ٤٠ عاماً. و تختص مسيرته المهنية في القطاع العسكري إذ درس في الأكاديمية العسكرية الفرنسية بمقاطعة اكس ان.

صعد كاكا سريعاً في الجيش التشادي وأصبح قائدًا للحرس الرئاسي ثم خلف والده في السلطة.

لا توجد مقارنة بين محمد ديبي ووالده فهو قصير جداً إذ يصل طوله إلى ٦ أقدام ( ١.٧٠ سم ) فهو أقصر من والده بكثير، يصف البعض طريقة وصوله إلى السلطة بأنها كانت وراثية وليست عن طريق القوة والكفاءة لذلك فإنه لا يستحق السلطة، يضافُ إلى ذلك فإنه ضعيف في التعبير ولا يستطيع الحديث بطلاقة باللغة الفرنسية أو العربية وأقل ذكاءً من والده.

يقول ريماجي هويانثي كبير الباحثين في معهد الدراسات الأمنية في وسط إفريقيا وحوض بحيرة تشاد ( لم يواجه محمد ديبي أي متاعب في حياته لقد وجد السلطة بكل سهولة، ولم يكن مضطراً بالسير على خطى والده ، سيواجه محمد عدداً من المتاعب لكي يرضي الجميع، لأنّ والده كان يجيد فن التعامل مع الجميع واللعب على المصالح ) .

يهتمُ محمد ديبي بالسلطة ويبحث عن الشرعية السياسية بكل ما أوتي من أدوات، و تظهرُ من خطاباته بأنه شديد الخجل لذلك يسخر الناس من لقاءاته الجماهيرية، ولا ينظرون إليه بأنه لبق في الحديث أو يخاطبهم في إطار استراتيجي، وربما كان لابتعاده عن والده أثناء فترة نشأته دور في اضمحلال شخصيته وذوبان تأثيره وفكره.

أثار قمعه لمظاهرات ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٢ إدانة واسعة في مجال حقوق الإنسان بعدما أعلن عن تمديد الفترة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي في نوفمبر ٢٠٢٢. قُتل عشرات الأشخاص نتيجة رفضهم تمديد الفترة الانتقالية بواسطة المخابرات التشادية، واقتيد مئات المتظاهرين إلى سجن كوروتورو سيء السمعة في شمال البلاد، وحُظرت أنشطة بعض المؤسسات الفاعلة مثل (وقت تما )يقول هادسون : لقد تعلم محمد ديبي جيدا أساليب القمع والتهديد لخصومه السياسيين ومنافسيه ورأى أنّ التعامل بعنف خير طريق لتحقيق أهدافه.

في فبراير ٢٠٢٣ تعرض يحيى ديلو الذي يحظى بشعبية عارمة في شمال تشاد إلى عملية اغتيال كلفته حياته التي طالما دافع بها عن حقوق التشاديين، اتهمت الحكومة التشادية يحيى ديلو بمهاجمة مقر الأمن الوطني، لكنّ اغتياله يمثلُ تهديداً للسياسيين الذين يفكرون في التغيير عبر صناديق الاقتراع، حسب تصريح لويس مادج ممثل منظمة العفو الدولية في وسط إفريقيا.

تم اصطفاء عشرة مرشحين من أصل عشرين مرشحاً حسب اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات، وستجرى الانتخابات في الشهر الجاري، قررت المحكمة الدستورية إقصاء بعض الشخصيات السياسية المهمة، بينما يعلق البعض آماله على الشاب اليساري سيكسيه ماسرا لإحداث فارق في العملية الانتخابية، لكن التوقعات تشير إلى خلاف ذلك.

التحول نحو روسيا

تعد جمهورية تشاد إحدى الدول الرئيسية الفاعلة في منطقة الساحل، وتتمتع بسمعة جيدة في المجال العسكري، وتترقب الدول المهتمة بأنجمينا ماهية الدور الذي سيقوم به محمد ديبي لإثبات ذاته بين دول الساحل التي لفظت فرنسا خارج حدودها .

هددت الحكومة التشادية في الشهر الماضي بطرد القوات الأميركية من البلاد بعدما زار محمد ديبي موسكو في يناير ٢٠٢٤ مرتديا الكابتاني الأبيض وبيده عصا لمقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أول زيارة لرئيس تشادي منذ ٥٠ سنة.

يأتي التقارب التشادي الروسي في الوقت الذي لا تزال فيه العلاقات طيبة بين باريس وانجمينا، إذ تؤثر فرنسا في صنع السياسية الداخلية لجمهورية تشاد، وعلى الرغم من الدعم المطلق الذي يقدمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للنظام التشادي، فإن بعض النخب الفرنسية  تشعر بالقلق من التقارب التشادي الروسي. وتشير المصادر بأن هناك جنرالين في الجيش التشادي يتحدثان اللغة الروسية بطلاقة بعدما تدربوا هناك لفترة طويلة.

كثف محمد ديبي زيارته للإمارات في الأشهر الأخيرة ويقول المحللون: بأن زياراته المتكررة للدولة الخليجية الثرية كانت من أجل السعي للحصول على المساعدات المالية لجمهورية تشاد التي تعد إحدى أفقر الدول في العالم.

خاطب كاكا وسائل الإعلام قائلاً :

لسنا عبيداً حتى ننتقل من سيد إلى آخر، إننا نرغب في العمل مع جميع دول العالم التي تسعى إلى ذلك، وتتطلع إلى التعاون معها باحترام متبادل.

النزاع الداخلي

يسعى MIDI جاهداً لإبقاء الأمور تحت السيطرة، في بلد يمر بحالة من النزاع والفوضى والصراع السياسي، قاطعت أحزاب المعارضة عملية الاستفتاء على الدستور في ديسمبر ٢٠٢٣. كما أن المعارضة العسكرية تتربصُ بالجيش التشادي شراً في الشمال.

يحيط محمد ديبي نفسه بدائرة ضيقة جدا لشباب قضوا طفولتهم معه، ويعتمد بشكل كبير على الدبلوماسي السابق إدريس يوسف بوي صديقه المخلص وكبير مستشاريه.

استعان محمد ديبي باثنية القرعان ( قبيلة تسكن في شمال البلاد) إذ عين عددا كبيرا  من قبيلة القرعان في دائرته المقربة، مما أثار حفيظة قبيلة الزغاوة الذين يمثلون النخبة السياسية والعسكرية في البلاد.

كل الأنظار تتجه إلى السادس من مايو لإحداث فارق مهم في وسط إفريقيا.

  • هناك معلومة مغلوطة وردت في تقرير الجارديان تقول : بأن ألبرت باهيمي باداكي رئيس الوزراء التشادي قد أقصي من اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات لكن ذلك غير صحيح. يعد ( باهيمي أحد المرشحين في الانتخابات وقد وافقت عليه اللجنة منذ إعلان المرشحين).

 

رفيق انفو
رفيق إنفو هو موقع إخباري مستقل مرخص من قبل السلطة العليا للإعلام السمعي البصري في تشاد (HAMA)، باعتباره صحيفة إلكترونية مسجلة تحت الرقم 0324
error: نسخ المحتوى ممنوع