الأربعاء
-
15 أكتوبر، 2025
https://rafiqinfos.net

رد على المغالطات التاريخية حول أصل العاصمة التشادية

بقلم: عبدالله بخيت صالح – باحث متخصص في جغرافية العمران الحضري

في ظل كثرة المغالطات التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول تاريخ تشاد، أصبح من الضروري توضيح الحقائق التاريخية حول أصل تسمية العاصمة أنجمينا، خصوصاً بعد ما ادعى أحدهم أن العاصمة أُسّست وسُمّيت بواسطة قائد سوداني يُدعى محمد رابح.

إن هذه المعلومة غير صحيحة إطلاقاً، وتجاهل التاريخ الحقيقي للمدينة يشوه فهم العامة للتاريخ الوطني التشادي.

أصل تسمية أنجمينا الحقيقية

تعود بداية العاصمة إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، بعد معركة كوسوري في 22 أبريل 1900. حينها، لم يكن لدى الجيش الفرنسي الغازي أي مركز عسكري مستقر في تشاد، فأصدر مفوض الحكومة الفرنسية إميل جانتي قراراً ببناء قلعة عسكرية على الضفة الشرقية لنهر شاري لتكون مركزاً استراتيجياً يحمي القوات ويتيح الانطلاق نحو أنحاء البلاد الأخرى.

وقد أُطلق على هذه القلعة اسم القائد الفرنسي فرانسوا جوزيف لامي (1858–1900)، الذي قُتل في معركة كوسوري، لتصبح التسمية Fort-Lamy (قلعة لامي). ومع مرور الوقت، بدأت المنطقة الحضرية تتطور حول القلعة، واستقر فيها التشاديون من القرى المجاورة، حتى أصبحت مدينة مكتملة النمو.

تغيير الاسم إلى أنجمينا

ظلت المدينة تحمل اسم “لامي” طوال 73 عاماً (1900–1973)، حتى قرر التشاديون أنفسهم إعادة تسميتها ضمن ما عُرف بـ”الثورة الثقافية الاجتماعية” بقيادة الرئيس الأول أنقرتا تمبلباي أنقرباي.

في اجتماع مجلس بلدية أنجمينا بتاريخ 5 سبتمبر 1973، أعلن رسميًا تغيير الاسم إلى أنجمينا، في بيان جاء فيه:

> “لكل شيء نهاية، فبعد أكثر من سبعين عاماً من الإذلال، نحن نطالب من حملة حضارة ‘الكرباج’ الذين استخدموا القوة لفرض أنفسهم علينا أن يتركونا نعيش في سلام.”

هذا القرار يعكس إرادة التشاديين في استعادة هويتهم الوطنية، ويقطع الطريق أمام أي مزاعم كاذبة تنسب أصل المدينة إلى أي شخصية خارجية.

حقيقة محمد رابح

أما القائد السوداني محمد رابح الذي أشار إليه البعض، فلم يُعرف له أي نشاط في تشاد، وربما يقصد البعض رابح فضل الله في جنوب السودان، لكن نشاطه لا يمت بأي صلة إلى أنجمينا.

دعوة للتوثيق والوعي التاريخي

أدعو الباحثين والصحافة والرأي العام إلى توخي الدقة قبل نشر أي معلومة، ومراجعة المصادر التاريخية الموثوقة، مثل كتابي: مدينة أنجمينا: نشأتها وتطورها وتركيبها المورفولوجي، الصادر عن مؤسسة الصفا للمطبوعات، القاهرة، 2014، ص. 456، ISBN 9789775016782.

إن نشر الأكاذيب على وسائل التواصل الاجتماعي لا يضر سوى الحقيقة التاريخية ويشوه صورة تشاد وتشادييها. لذا وجب التصحيح والتوضيح، حتى يعلم الجميع أن العاصمة أنجمينا هي ثمرة التاريخ التشادي والجهود الوطنية، وليس من اختراع أي طرف خارجي.

رفيق انفو
رفيق إنفو هو موقع إخباري مستقل مرخص من قبل السلطة العليا للإعلام السمعي البصري في تشاد (HAMA)، باعتباره صحيفة إلكترونية مسجلة تحت الرقم 0324
error: نسخ المحتوى ممنوع